حضارات العِراق القديمة
العراق أرض الحضارات، فقد عاشت على أرضه حضارات كثيرة كان لها العديد من الإنجازات الحضاريّة، ومن أهمّ هذه الحضارات ما يأتي:
الحضارة السّومريّة
يُطلَق على الحضارة السّومريّة، كذلك, حضارة فجر السُّلالات أو ما قبل السُّلالات، وهي من أولى الحضارات البشريّة في العراق القديم، وقد نشأت هذه الحضارة في مدة 2800ق.م تقريباً، واستمرّت ستّة قرون أخرى، ويمكن تقسيم هذه الحضارة إلى ثلاث مراحل زمنيّة، وهي: فجر السّلالات الأول (2800-2700)ق.م، وفجر السّلالات الثّاني (2700-2600)ق.م، وفجر السّلالات الثّالث (2600-2400)ق.م.
والسّومريّون هم السكّان الأصليّون للعراق، وقد أُطلِق عليهم اسم مالكي حضارة العبيد، امتدّ نفوذهم على أراضٍ بلغت إلى البحرين (جزيرة دلمون) جنوباً.
اللغة الأصليّة الأساسيّة للسّومريّين
هي اللغة السّومريّة، وهي لغةٌ ملتصقةٌ؛ أي تلتصق فيها مفردتان لتُشكّلا كلمةً واحدةً، كما تتميّز الحضارة السّومريّة بفنّها في نطاق العمارة، فبُنِيت المعابد والقصور؛ وفي حضارتهم بدت الأقبية والعقود لأوّل مرّة، وكان لهم تقدّمٌ في فن النّحت وأيضا في سبك المعادن والتّعدين، كما ابتكروا أسلوباً في لحوم الصّفائح الذّهبيّة، وفي عهدهم تناقلت الكتابة، فدوّنوا السّجلات الرّسميّة وشؤون النّاس من معاملاتٍ، ومراسلاتٍ، وأساطير، وأيضا أعمال الأمراء والملوك.
الحضارة الأكّاديّة
يُعدّ سرجون الأكاديّ مؤسّس الحضارة الأكّاديّة، وهو الذي وحّد العراق، وقد استمرّت مدة حكمه خمسةً وخمسين سنةً، أجرى أثناءها العديد من الإصلاحات في الجيش ونظام الحكم؛ حيث تطوّرت في عهده أساليب الحرب والسّلاح، كما توج تقدّمٌ في عهده في نطاق العمارة، وفي نطاق الفنون العامّة.
ومن الملوك المشهورين في الحضارة الأكّادية نارام سين (2261-2224)ق.م، الذي تُصوِّره الأساطير والرّوايات على أنّه حاكم ذو ثقة بالغة بنفسه، وأنّه عُدَّ الحاكم الأعلى، وقد أطلق على ذاته اسم ملك الأرباع الأربعة للكون.
وسّع نارام سين حدود الدّولة الأكّاديّة، وقاد حملاتٍ عسكريّةً بنفسه، وقد وصلت الى الدّولة الاكّاديّة في عهده ذروتها.
الحضارة البابليّة
ظهرت الحضارة البابليّة عقب وقوع إمبراطوريّة أور الثّالثة، ويمكن تقسيم الحضارة البابليّة زمنيّاً إلى ثلاثة عصور، هي: العصر البابليّ القديم: في انطلاق الألفيّة الثّانية قبل الميلاد، تأسّست عائلة جديدة حاكمة في العراق في المرحلة المُمتدّة بين عامي (1894-1595)ق.م، وهي السّلالة البابليّة الأولى، ومن أشهر ملوكها حمورابي (1728-1686)ق.م
الذي عُرِف عنه أنّه سياسيٌّ وقائدٌ فذٌّ، وكان مُصلحاً ومُشرّعاً ومُوحّداً للبلاد؛ ففي عهده وقعت فتوحات كبيرة، كما امتدّت فيه عهده حدود الدّولة البابليّة إلى بلاد الرّافدين شمالاً والجهات الأخرى من الهلال الخصيب، ومن أهمّ ما قام به حمورابي هو سنّ شريعته الشهيرة قانون حمورابي، الذي ضمّ مجموعةً من القوانين المدنيّة، والأحوال الشّخصيّة، وأيضا العقوبات
العصر البابليّ الوسيط: في المرحلة الحادثة ما بين عامي (1570-1155)ق.م
سيطر الكاشيون على مدينة بابل التي هبطت في عهدهم، وكان أول ملك لهم هو الملك أجوم-كاكريم، ويُعتقَد أنّ الكاشيّين أصبحوا بابليّين.
وعلى الرّغم من تواجد حُكم سياسيّ في بابل، إلّا أنّها بقيت أسفل سيطرة قوىً أكبر منها؛ تمثّلت في مملكة ميتاني التي اندثرت وانهارت عقب بروز وسيطرة الدّولة الآشوريّة، وقد أضحت بابل أسفل سيطرة الآشوريين في عهد الملك نينورتا الآشوري.
وفي المرحلة الحادثة بين عامي (1126-1104)ق.م، تمكّن الملك الآشوري نبوخذ نصرالأول من إرجاع تمثال الإله مردوخ الذي سرقته العيلاميون، وتُعدّ المرحلة الحادثة بين عامَي (1100-800)ق.م
مدة عصور شكوى بالنّسبة لتاريخ العالم القديم، حيث دخل الكلدانيّون وهم من أصولٍ آراميّة، وكانت صلتهم غير جيّدة بالسّكان الأصليّين لبابل إلى أن أصبح الكلدانيّون بابليّين.
العصر البابليّ الحديث: امتدّ العصر البابليّ الحديث من (626-562)ق.م؛ منذ انطلاق حكم نبوخذ نصر لبابل، وقد أضحت بابل قوّةً كبيرةً في العالم القديم، ومن أهمّ ملوك العصر البابلي الحديث نبوخذ نصّر الذي جعل مدة حكمه مدة انتعاشٍ وازدهارٍ وقوّةٍ للدّولة البابليّة، وتميّز عهده بالعمران؛ فقد بنى معابد بالغة وفخمةً جنباً إلى الزّقورة، وقد أقام بوّابة عشتار الشّهيرة وشارع الموكب، جنباً إلى قصره المميّز بحدائقه المُعلّقة التي أضحت فيما عقب من عجائب الدّنيا السّبع.
كان للبابليّين في عصرهم الحديث هيمنة جلية على الشّرق الأدنى؛ ففي عام 597ق.م
أضحت القدس -أورشليم- أسفل سيطرة البابليّين، ورحّلوا اليهود في عام 587ق.م من أورشليم إلى مدينة بابل، وهذا ما عُرِف فيما عقب بالسّبي البابليّ، وفي عام 539ق.م
احتلّ قورش العظيم مدينة بابل وعيّن قمبيز ولده حاكماً عليها، وعلى الرّغم من وقوع بابل إلّا أنّها بقيت في صراعٍ مع هذا الحُكم، ممّا قاد إلى قيام عدّة ثوراتٍ؛ مثل: ثورة نبوخذ نصر الثّالث عام 522ق.م، وثورة عام 521ق.م بقيادة نبوخذ نصر الرّابع، وثورة عام 484ق.م لكلٍّ من بيل سيماني وساماس إريبا، وأيضا ثورة نيدين بيل بين عامَي (336-335)ق.م.
الحضارة الآشوريّة
ظهرت الحضارة الآشوريّة في شمال العراق، ويمكن تقسيمها زمنيّاً إلى ثلاثة عهود، وهي:[٣][٧] العهد الآشوري القديم: في هذا العهد كانت الدّولة الآشوريّة مملكةً مستقلّةً وموحّدةً، ومن أشهر حكّامها إيلو-شوما، وشمشي أدد، وأيضا شلمنصّر الأول، وقد كانت الدّولة الآشوريّة دولةً قويّةً من النّاحية العسكريّة، وقد كانت ختام عهدهم القديم حينما ثارت مدينة كالح ضدّ الملك الآشوري آشور-نراري الخامس.
العهد الآشوري الوسيط: سيطرت الحضارة الآشوريّة في هذا العهد على كلٍّ من فارس، ومصر، وسوريا، بالإضافة إلى بابل، ومن أشهر ملوك هذه الحقبة آشوربانيبال الذي سُمِّي بأُسنَفَّر في العهد القديم، وكان الرّومان واليونانيّون يطلقون عليه اسم ساردانابولوس، وهو من أزيد الملوك ثقافةً؛ ففي عهده جُمِعت الكتب، وتمّ تخزينها في مكتبةٍ (دار كتب) خاصّة، بُنِيت في مدينة نينوى.
العهد الآشوري الحديث: من أهمّ ملوك هذا العهد هو الملك سرجون الثّاني، وفي عهده تقدّمت الدولة الآشوريّة، وحقّقت إنجازاتٍ كثيرةً في المجالات الفنّيّة والمعماريّة، وقد شُيِّدت في عهده مدينة جديدة قرب من نينوى، وهي مدينة سرجون (دور شكين).
