3
7
السعودية

مستجدات في لغز اختفاء “خاشقجي” وعلاقة اعلام قطر بالواقعة

دأب الإعلام القطري وأذنابه على مداهمة السعودية، وتحريف صورتها في منصاتهم وصحفهم في الآونة الأخيرة، وذلك ببث الأكاذيب والترهات من خلال فرقة من الإعلاميين المرتزقة من جنسيات عربية وأجنبية.
وربما لا نقدِّم جديدًا بالحديث عن امتهان الآلة الإعلامية القطرية الكذب والتدليس؛ فذلك لا يخفى على القارئ، ولكن يمكن القول إن مستوى الكذب صعد كثيرًا لمستويات عالية، خاصة في تناول ذلك الإعلام حدثَيْن، ارتبط بهما اسم السعودية مؤخرًا، هما إصدارات الرئيس الأمريكي “ترامب” أمام حشد من مناصريه، وقضية فقدان الكاتب جمال خاشقجي في تركيا.
التلاعب بالمعلومات ونشر الأنباء المزيفة نهج عالمي بنحو عام، ولكنه – بالطبع – يقتصر على وسائل الإعلام غير المهنية، وصاحبة الأجندات السياسية، وهو ما ينطبق على الإعلام القطري صاحب الأجندة المناوئة الى المملكة وحلفائها؛ فهو اعتاد على تلقف أنباء السعودية وتحويرها، ونشر ما قد يسيء لها، وترك ما دونه.
يقول المحلل السياسي الفرنسي باسكال بونيفاس في هذا الصدد: التلاعب بالمعلومات أمر معروف وموجود منذ زمن طويل.
وتطوُّر الاهتمام بالرأي العام على المستوى الدولي جعل هذا التلاعب أزيد وضوحًا.
وكلما كان لرأي الجمهور وزن وتأثير في تحديد توجهات السياسة الخارجية صارت هناك حاجة ملحة للتلاعب في حد نفسه من أجل احراز غايات سياسية.
ويتابع : آليات التلاعب معروفة، وهي إعطاء قدر محدد من الأنباء الصادقة والصحيحة لكتمان القدر الأكبر المغلوط أو المزور في عملية لإنتاج أمر ما.
أي أن تقترن عدد من الحقيقة بكذبة كبيرة.
تصريحات “ترامب”
“قدر محدد من الأنباء الصادقة لكتمان القدر الأكبر المغلوط في عملية لإنتاج أمر ما”.. هذا ما استخدمه الإعلام القطري بالضبط في تناوله إصدارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام حشد من مناصريه، وفي إطار ترويجه لحزبه لانتخابات التجديد النصفي للكونجرس؛ فالإعلام القطري لم يختلق إصدارات الرئيس الأمريكي، ولكنه تابع قوله عليها الكثير من الإثارة، وقرنها بالأكاذيب.
ركز الإعلام القطري الضوء فحسب على حديث “ترامب” عن السعودية، على الرغم من أنه قال في كلامه كوريا الجنوبية واليابان أيضًا، وقبل ذلك وفي مناسبات متعددة طالب أوروبا بالدفع في إصدارات استهجنها الإعلام العالمي، ولكن حينما تحدث عن السعودية تلقفت الآلة الإعلامية القطرية الحديث لإنتاج لغط، وخلق حالة من الشك لدى القراء والمتلقين.
والحقيقة إن إصدارات “ترامب” لا تعدو أزيد من عملية للترويج لحزبه، وتلميع صورته بالحديث محليًّا أمام محبيه عن بلدان عدة فعالة في السياسة العالمية، وتتمتع بشّدّة اقتصادية، وإظهار استطاعته على إخضاع هذه القوى الإقليمية.
وقبلها بأيام أثار ضحك حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما حاول تلميع ذاته بقول إن إدارته حققت للولايات المتحدة ما لم تحققه مديرية أخرى في تاريخها.
ولكن كان رد الأمير محمد بن سلمان في حواره مع مؤسسة “بلومبيرغ” دامغًا ومثلجًا للصدور بتأكيد أن السعودية لن تدفع شيئًا إزاء أمنها، وأن لا منَّة لأحد عليها؛ فهي تدفع أموالاً إزاء السلاح الذي تحصل عليه، كما أنها تمكَّنت الحفاظ على أمنها ومصالحها في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بالرغم من شُغله ضد أجندة الرياض في المنطقة.
لغز “خاشقجي”
مرة أخرى يتفنن الإعلام القطري في صناعة الكذب، وهذه المرة من خلال مسألة فقدان الإعلامي جمال خاشقجي الذي كان يراجع القنصلية السعودية لأمور خاصة، بعد ذلك اختفى بنحو غامض بعد مغادرته مبنى القنصلية.
وهنا استغل الإعلام القطري الروايات المتضاربة حول فقدان الرجل؛ فالرواية السعودية الرسمية مفادها بمراجعته القنصلية، وخروجه عقب وقت قصير.
والروايتان الأخريان المتضاربتان اللتان صدرتا عما أسمته وسائل الإعلام “مصادر” تظاهرت إحداهما احتجازه داخل القنصلية، في حين زعمت الأخرى مقتله داخل القنصلية.
ومن خلال الروايتين تمادت المنصات القطرية في الكذب.
فالفرضيات التي يطرحها الإعلام المعادي، فضلاً عن كونها غير مقبولة، هي أيضا غير منطقية؛ فلِمَ تلجأ السعودية إلى قتل أو احتجاز أحد الأفراد داخل قنصليتها؛ ما يعرِّض سمعتها للخطر؟! ألم يكن بمقدورها أن تقوم بذلك خارج القنصلية، وبدون إثارة ضجة، إن كانت عازمة حقاً على ذلك؟! عدم منطقية الفرضية تتجلى بوضوح عندما نتحدث عن قنصلية يشتغل بها فرقة أفراد، البعض منهم أتراك، فكيف احتُجز “جمال” أمامهم وبعلمهم؟ مع علمهم بأن ذلك يعرِّضهم للمساءلة القانونية! ولماذا “خاشقجي” من غير غيره الذي تهتم الدولة بإخفائه؟! وهو في الختام مجرد كاتب، نعم يدون ضد سياسات الدولة، ولكنه في الختام لا يتمثل خطرًا على أمنها، في حين في المقابل هناك الكثير من المنشقين الذين ينشطون في الخارج منذ أعوام طويلة، مثل سعد الفقيه الذي على صلة بتنظيمات إرهابية، وبالرغم من ذلك لم يتعرضوا لأي أذى طيلة تلك السنين؛ وذلك يشير على أن إخفاء أو احتجاز أفراد حتى ولو كانوا معارضين ليس نهج الوطن ولا ديدنها.
ما يدحض الأكاذيب الإعلامية هو مخاوف السعودية وحرصها على أوضح صِحة فقدان مواطنها؛ فأبدت حُسن النية بفتحها أبواب القنصلية أمام وسائل الإعلام بالرغم من الأعراف الدبلوماسية لتأكيد منع احتجاز “خاشقجي” داخلها، فضلاً عن إرسالها فريق احراز سعوديًّا للمشاركة في الاستجوابات التي تجريها السلطات التركية، وفك لغز اختفائه.
وأصبح الأمر في الوقت الراهن في ملعب السلطات الأمنية التركية بالقيام بوظيفتها، وإجراء التحقيقات.
ولا يمكن هنا بأي حال من الأحوال إهمال فشل هذه السلطات حتى الآن في أوضح تفاصيل فقدان مواطن سعودي، وعدم قدرتها على الوجود عليه، وتورطها في تسريب مزاعم وسيناريوهات غير منطقية، قد تعقِّد من رجعته سالمًا؛ وهو ما يعتبر منع فنية في التعامل مع واقعة أمنية.

4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى