3
7
سؤال وجواب

من هم أول من صنع الساعة في العالم ؟

الساعة مُنذُ أن أدرَكَ الإنسان مفهوم الزمن وأنّ الحاضرَ والماضي شيئان مُختلفان بَدأ يحاول لمَعرفة الزمن باستعمال وسائل مُختلفة، وعمل على تنميتها وتَحسينها إلى أن اخترعَ الساعة؛ فالساعة هي أداة دراية الزمن وقِياسه، وقد شرع ظهورها عند اليونانيين والرومان، وفي العصور الوسطى ظَهرت عند المسلمين، فتمّ تَطويرها إلى أشكالٍ وأحجامٍ مختلفة، فظهرت ساعات اليد، وساعات الحائط، والساعات المنبّهة، جنباً إلى الساعات التي يحملها الأفراد في رحلاتهم والتي تسمى الساعة النقالة.

مُخترع الساعة

لا يُمكن القول بأنّ هناك مُخترعاً وحيداً اخترع الساعة؛ إذ اجتهَدَ الإنسان منذ أقدم العصور في اختراع الساعة وتَطويرها من شكل إلى آخر؛ حيث إنّها الوَسيلة الوحيدة لقياس الوقت ومعرفة الزمن والتقويم.

كان السومريّون هم أوّل شعوب الأرض التي اهتمّت في الوقت، فقد تمكنوا في حسابِ السنة من خلال الشمس؛ حيث تتبّعوا حركة الشمس منذ شروقها في اليوم الأوّل إلى شروقها في اليوم الذي يليه، وتبعاً لذلك قسّموا العام إلى اثني عشر شهراً، واعتمد المصريّون على القمر لتَحديد الزّمن وعلى ذلك قسّموا العام إلى 365 قسماً وهو الشهير حاليّاً بعدد أيّام السنة.

كان للعرب المسلمين دورٌ كبيرٌ في اختراع الساعة الرملية والساعة المائية، وأبدعوا أيضاً في اختراعهم للساعة الرخامية التي كانت تَنطق الزمن بصوتٍ مَسموع، وكانت الساعة التي أهداها الخليفة هارون الرشيد لقارلة الفرنجي من أشهر الساعات المُبتكرة على يد المسلمين، وفي القرن الرابع عشر اختُرعت الساعة الميكانيكية تليها الساعة الكهربائية، بعد ذلك الساعة الذرية والكوارتز، أمّا الساعة البندولية الدقيقة فكانت من اختراع الهولندي كريستيان هيوغينز في عام 1656م، وجاء المُخترع جورج غراهام من بعده وطَوّرها بتصحيح الأخطاء العادِيَة فيها، وفي القرن العشرين من العصر الحديث اختَرَع المُهندس الكندي ووارين ماريسون ساعة الكوارتز ثلاثية العقارب.

[١] أشكال الساعة وأنواعها

ظَهرت أدواتٌ غَريبة على مرّ العصور لكشف الزمن وقياسه، فقد كانت الحضارات القديمة مثل الصينية واليابانية والفرعونية من أوائل الحضارات المُخترعة لِآلات حساب الزمن، إلّا أنَّ الصينيين كانوا يَعتمدون على أغرب هذه الآلات لمَعرفة الوقت؛ ففي القرنِ الرّابع عشر الميلادي استخدم الصينيّون ساعاتٍ من البخور.

قبل أن تظهر الساعات في شكلها الجاري والمتعارف عليه الآن كانت الحضارات القديمة تستعمل سبلاً مُختلفة لمَعرفة الزمن مثل: الاعتماد على الأجرام السماوية والماء، وسعى الإنسان على مرّ العُصور إلى تحديد الزمن بأيّ أداةٍ مُتوفّرة ممّا يَكشف عن عبقريّته الكامنة خلف اختراع الساعة؛[٣] فقد لا يُصدّق عدد من الناس أنّ الإنسان القديم تَعلّمَ دراية الزمن وصَنع الساعات عن طريق ملاحظته ودقة انتباهه إلى الدورات الطبيعية مثل دورة الشمس ودورة القمر والفصول الأربعة

الساعة الشمسية

تُعدّ الساعة الشمسية من أقدم الساعات التي كان الناس يَعتمدون عليها في مُلاحظاتهم للدّورات الطبيعيّة التي تحدث في السماء، وكانت هذه الساعة عبارة عن شواهد صخريّة أو دوائر عِملاقة مصنوعة من الحجر أو أيّ مادّةٍ أخرى؛ بحيث كان الهدفُ منها هو تحديد تَعاقُب الفُصول الأربعة أو حَركة النجوم في السماء، وتكمُن مهنة هذه الشواهد الصخريّة أنّه في وقتٍ مُعيّن من السّنة تكون الشمس والقمر على خطٍّ واحدٍ مع عدد من الصخور، وبِحُدوث ذلك يُدرك العُلماء أنّه قد شرع فصلٌ جَديد من فصولِ السنة.

إنّ تَقسيم الأيّام إلى ساعات لَم يكن يَخطُر على بالِ البشر إلّا منذ ما يقارب 4000 سنة مضت، فقد جَرى تقسيم اليوم إلى أربعٍ وعشرين ساعة عن طريق البابليين، وهم الّذين ابتَكرو الساعة الشمسيّة التي كانت عبارة عن دائرةٍ عليها درجات مُحدّدة تُبيّن الساعات بين شروق الشمس وغروبها، وفي وسط هذه الدائرة تنغرس ساق خشبيّة يسقط ظلّها على العلامات المرسومة ومع حركة الشمس من خلال السماء يتحرّكُ ظلّ الساق ويُشير إلى الوقت، وقد كانت فائدة الساعة الشمسية تتوقّف على الأيّام المُشمسة؛ حيث إنّها لن تعمل في الأيّام غير المُشمسة أو في الليل.

الساعة المائية

أدرك المصريون القدامى منذ حوالي 3400 سنة أن تدفق الماء من ثقب صغير في وعاء ممتلئ بالماء يطرأ بمعدل ثابت، وبإدراكهم لهذه النقطة المهمة جرى اختراع الساعة المائية، حيث كان الماء في هذه الساعة يتدفق من ثقب قريب من قاع إناء من الحجر مخلفا درجات على حيطان الوعاء، وهذه العلامات المحفورة على الحيطان هي التي اتضح الساعات، حيث يعلم الناس الزمن عن طريق الاطلاع إلى كمية الماء المتبقية في الوعاء.

الساعة الرملية

ومع انطلاق القرن الرابع عشر شرع استخدام الساعة الرملية فقد كانت تعمل بنفس طريقة عمل الساعة المائية، والساعة الرملية بشكلها البسيط هي عبارة عن انتفاخين زجاجيين متصلان من خلال عنق صغير في الوسط، تنساب التراب من الانتفاخ الزجاجي العلوي إلى الانتفاخ الزجاجي السفلي، وبانتقال التراب من الجزء العلوي يدرك المشرف أن مدة زمنية محددة قد مضت.

الساعة الميكانيكية

منذ ما يقارب 700 عام بدت الساعة الميكانيكية في أوروبا؛ حيث كانت هذه الساعات قائمةً في عَملها على استِخدام أوزانٍ هابطة وصاعدة لمَعرفة الزمن المُنقضي وذلك عن طريق أحد التروس الذي يتحرّكُ دائماً حتى يُطلق رنين الجرس، وباستماع أحد الرهبان أو رجال الدين لهذا الرنين يُدرك أنّ وقت الصلاة حان فيتمّ الاجتِماع لأدائها.

لم تَكن السّاعات الميكانيكيّة القديمة تَذكُر الزمن حيث لم تكن بها عقارب كما هو الحال الآن، وإنما كانت تُطلق إشارةً محددة عند مرور ساعة كاملة، جنباً إلى أنّ هذا الأمر لم يكن على مستوىً عالٍ من الدقة؛ إذ كانت تتأخّر عن إطلاق الإشارة ما يُقارب 15 دقيقة في كل يوم.

الساعة البخورية

عُرف هذا الطراز الغَريب من الساعات في الصين واليابان وذلك في القرن السّادس للميلاد، وبَقي مُستخدماً حتى تباشير القرن العشرين، وكانت هذه الساعة مُكوّنة من عصا بخور له قِياسات مُحدّدة جنباً إلى تواجد مجرى محفور كالمتاهة يحتوي على عدّة أنواع من البخور، وبإشعال عود البخّور من طرفه فإنه لن يَنتهي إلّا عقب مرور ساعة، وعندما تتبدل رائحة البخور يدرك النّاس أنّ ساعةً من الوقت قد مضت.

الساعة الفلكية

ابتكر عالم الفلك والمُهندس الصيني سوسونج ساعةً فلكيّةً تُدار بالماء خلال القرن الحادي عشر؛ حيث يتمّ تَدويرها باستعمال ساقية ارتفاعها تسعة أمتار ووزنها عدّة أطنان، وكانت هذه الساعة تُبيّن حركة الشمس والقمر والنجوم،[٤] واستخدم في هذه الساعة تقنية الميزان جنباً إلى مُتتالية نقل الحركة التي تُدير الحركات، وفي انطلاق القرن الثاني عشر طوّر الفلكيّون المُسلمون هذه الساعة واستَخدموها في المَساجد، ومن أشهر من ساعد في عمليّة تنميتها الجزري وابن الشاطر وأبو الريحان البيروني،[٣] وترجع الساعة الفلكية في تاريخها إلى عام 2500 قبل الميلاد حيث كانت المرحلة فيها تتجزأ بين الغسق والفجر إلى 12 ساعة، واليوم كان مقسّماً إلى 24 ساعة، كما قُسمت الساعة إلى 60 دقيقة.

أنواع غريبة من الساعات

كانت هناك أدوات توقيت غريبة من خلال التاريخ؛ فكانت للمَلك الإنجليزي ألفريد الكبير في أوائل القرن التاسع الميلادي ساعة مصنوعة من شمعات عددها ستة، وطول كلّ واحدة منها ثلاثون سنتيمتراً، وكان الخدم في قصره يُشعلون الشّموع على مدار اليوم، كُلّ شمعةٍ يتمّ إشعالها إثر الأخرى؛ حيث كان احتراق كل شمعة يستغرق نحو ثماني دقائق لجميع سنتيمتر، وبِذلك تستغرق الشمعات الست 24 ساعة، وفي عام 1354م أتمَ صانعو السّاعات في كاتدرائية ستراتسبورج صناعة ساعةٍ ميكانيكيّة قادرة على تقديم عرض فني؛ حيثُ تعزف أجراسها نشيداً ما، وعندها تدور الشخصيّات الدينية حول الساعة، بالإضافة إلى تواجد ديك يرفرف ويصيح عند مرور كل ساعة، وتوجد هذه الساعة في فرنسا الآن ولم يتبقّ منها سوى الديك.

من الساعت العَجيبة أيضاً ساعة الفيل والتي صَنعها الحرزي؛ وهي عِبارة عن ساعةٍ مائيّة كانت ترصد الوقتَ مرّتين في اليوم عند شروق الشمس وعند الغروب، وهي على شكل فيلٍ ضخم، يعلوه منزل صغير، ويقود الفيل رجال آليون، ويوجد تنين وطائر العنقاء، وقد دمجت هذه الساعة في تصميمها حَضارات العالم القديم؛ حيث يُمثّل الفيل الحَضارة الهندية، ويُمثّل التنين الحضارة الآسيوية، أمّا طائر العنقاء فيُمثّل الحَضارة المصريّة القديمة.

4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى