3
7
السعودية

حقيقة توطين المدارس الأهلية والعالمية فى السعودية

بنحو عاجل وأثناء شهرين فقط، سوف يكون على المدراس الخاصة في السعودية أن تبدل طواقمها التعليمية والإدارية بل حتى المشرفين بأخرى سعودية، عقب أن أعلن وزير التعليم السعودي أحمد العيسى أمراً يجبر المدراس بتوطين الوظائف الإدارية والإشرافية والتعليمية بنحو سريع، مؤكداً في تعميم بعثه للمدراس الخاصة والعالمية، أن الوزارة “رصدت قيام عدد من المدارس الأهلية بتنظيم فعاليات تتعارض مع التوجهات الوطنية” نتيجة تأثير عدد من المعلمين غير السعوديين.
هذا القرار يجسد نية الوزير مدعومة إيواء الوظائف التعليمية والإدارية في قطاع التعليم الأهلي على نحو يساهم في نوعية التعليم والتربية واستقرارهما.
وتزامن بيان وزير التعليم مع بيان متوقع لمجلس الشورى السعودي يوصي بمطالبة وزارة الخدمة المدنية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بسوق العمل للمساهمة في مكافحة البطالة، وبالأخص وظائف أعضاء لجنة التدريس في الجامعات والوظائف الصحية.
ومن المترقب أن يبحَث مجلس الشورى التوصيف الاثنين القادم, وسط توقعات بأن تمر التوصية بالموافقة.
ومن خصوص هذا القرار أن يسهم في تنسيب أزيد من 20 ألف سعودي، فبحسب إحصاءات اللجنة العامة للإحصاء، يمثل الوافدون العاملون في التعليم الخاص أزيد من 44٪ من طاقم التدريس، من أصل حوالي 19 ألف منسوب يعلمون في حوالي 10 آلاف مدرسة خاصة وعالمية، معظمهم من الذكور، غير أن مصادر لرصيف 22 في وزارة التعليم، ذكرت أن العدد يرد لأزيد من 50 ألفاً، عقب احتساب الإطار الإداري والإشرافي.
القرار الصادر اليوم
لم يكن مفاجئاً تماماً، فأكثر من مرة، ألمح وزير التعليم إلى أن هناك من يجرب أن يمرر أجندات خارجية للطلاب، متهماً معلمين “بتبني منهج الإخوان المسلمين، والمنهج السروري” اللذين تتهمهما السعودية بالمسؤولية عن ظهور التطرف وما يُعرف بالصحوة التي نشطت في الثمانينيات من القرن الماضي.
قبل ستة أشهر، أكد الوزير على ضرورة مراجعة خطوات تأكيد التأشيرات الممنوحة للمدارس الأهلية والعالمية، والتيقن من منع تواجد من يتبنى الفكر الإخواني فيها.
وقبل حوالي سنتين، اتفقت وزارة التعليم مع وزارة العمل على فرض سعودة إجبارية على المدارس الأهلية بمختلف المراحل، ولكن هذا الاتفاق لم يتحول لقرار ملزم حتى اليوم، واكتفت وزارة التعليم بوضع تسعة شروط للتعاقد مع الوافدين في المدراس الخاصة، أبرزها مطابقة الاختصاص مع المواد المراد تدريسها، وألا ينخفض مؤهل المدرس عن بكالوريوس تربوي، ولا يرفع العمر عن 65 سنةً، ومرور ثلاث أعوام على ختام عقد عمل مسبق في السعودية، ووقف التعاقد في التخصصات المتوافرة مثل اللغة العربية والتربية الإسلامية، والاجتماعيات، مع ضرورة أن يجتاز الأستاذ الوافد اختباراً للقياس.
أكبر من توطين
يؤكد متخصصين في التعليم لرصيف 22 أن للخطوة السعودية أهدافاً أبعد من التوطين، تكمن في محاربة الأفكار المتطرفة، التي يروج لها المتشددون.
ولا يخفي وزير التعليم ذلك، فسبق أن ذكر في سبتمبر المنصرم في مؤتمر إعلامي أن وزارته تحاصر فئة قليلة من المعلمين الذين يحاولون تحويل الأنشطة الطلابية إلى منصة لتسويق أفكار تنظيم الإخوان، مشدداً على عدم احتواء المناهج الدراسية السعودية من أي إشكالات فكرية، وأن الأزمة تكمن في “النشاطات اللاصفية” (أي فعاليات خارج المنهج مثل المحاضرات والندوات الدينية والنشاط الاجتماعي) التي تقام في عدد من المدارس.
وقد استبق الوزير السعودي قراره بإرجاع صياغة المناهج الدراسية وتطوير الكتب المدرسية، والتأكد من خلوها من منهج جماعة الإخوان الممنوعة, ووقف الكتب المحسوبة على هذه الجالية وغيرها من حملة الأفكار المتشددة من كافة المدارس والجامعات، وإبعاد كل من يتعاطف مع الجالية أو فكرها أو رموزها من أي وَظِيفَة إشرافي أو من التدريس.
ويؤكد الإختصاصي في التعليم وليد مزيدا أن الإجراءات التي تقوم بها الوزارة “تهدف لنشر الإسلام الوسطي، بعيداً عن التشدد”.
يقول لرصيف 22 :”قد تكون هناك صعوبات في إتاحة المعلمين السعوديين بسرعة، خاصة في ظل المخاوف التي يعانيها المعلمون في المدراس الخاصة، والتي تتعلّق بضآلة الرواتب التي لا تتعدى 25٪ من الرواتب التي يحصل عليها المعلمون في القطاع الحكومي”.
وأردف:”لكن بالرغم من كل هذه الصعوبات، هي خطوة ضرورية، وحاسمة، فما زال الفكر الإخواني يستحوذ على التعليم الخاص، بسبب وجود عدد كبير من المعلمين الوافدين الذيي يمررون أفكارهم للطلاب.
لا يهم تصفية المناهج فقط، لا بد من تصفية من يدرسها أيضاً”.
تنفيذ صعب
تعترف وزارة التعليم بأن إجراء القرار لن يكون سهلاً، إذ سبق أن ذكر مدير التعليم الأهلي في المنطقة الشرقية عوض المالكي أن نسبة الأجانب في المدارس الأهلية لا تتعدى 75٪، خاصة في مدراس الذكور، بسبب أن هناك الكثير من العوائق التي تقف أمام ذلك.
هذا ما يؤكده أيضاً مدير المدرسة السابق ماجد الجبر، الذي يؤكدد على ضرورة أن يكون هناك ترغيب أكبر للسعوديين للعمل في هذا المجال، ويقول لرصيف 22 :”قرار وزير التعليم، وإن كان سيفيد في نطاق التوطين، سوف يواجه بالكثير من المشاكل، حيث انه يوجد عزوف عن العمل في هذه المدراس لضعف الرواتب وزيادة الضغوط فيها بنحو لا يناسب المجهود المبذول، ولا يرفع راتب الأستاذ عن 800 دولار فقط، وفي بعضها أقل من ذلك بكثير”.
وأردف:”إذا كانت الوزارة حريصة على تصفية التعليم من الأفكار المتطرفة، عليها أن تساهم في سند رواتب المعلمين، ومتابعة المدراس كي لا تكون بيئة طاردة للمعلمين. هناك استغلال كبير فيها ولا بد أن تقوم الوزارة من جانبها في هذا الجانب.
لا يكفي تعميم واحد لحلها”.
في اتجاه معاكس، يتخوف الأستاذ المتقاعد فهد الرويشد من أن يؤول بيان الوزارة بإضعاف التعليم السعودي، لأنه سوف يكون في اتجاه واحد فقط، ويقول لرصيف22:”محاربة الأفكار غير الجيدة لا تكمن في الحظر فقط، بسبب أن هذا سيقود الطلاب للبحث عنها ولو من باب الفضول، كما أن التعليم لا بد أن يكون مفتوحاً لجميع الأفكار”.
وتابع :”الأولى كان التنبيه من الأفكار المتطرفة، وبيان خطرها على الطلاب، لا محاربة أرزاق المعلمين، فالقرار لم يمهلهم حتى لترتيب أمورهم سوى شهرين للإحلال، وهذا فيه شدة بالغة على الأستاذ الذي ترك بلاده وجاء للعمل بناء على عقد رسمي، وعلى المدارس التي ينبغي أن تبدل طواقمها التعلمية خلال مدة وجيزة جداً، كل هذه الأمور ستهز العملية التعليمية في أزيد من 10 آلاف مدرسة تشمل حوالي منتصف مليون طالب، كان من الأولى أن يمشي القرار على حوالي تدريجي”.

4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى