عقب نقاش ساخن تكرر مع أزيد من تاجر مواشي يضطر أبو محمد لدفع مبلغ لا ينخفض عن ألفي ريال كل عام لشراء أضحية.
وهو يلوم ذاته في كل مرة لتأخره حتى يوم التاسع من ذي الحجة لشراء الأضحية.
إلا أنه يرى أن هذا تقليد ورثه عن أباه الذي حرص على أخذه عن جده.
فأضحية العيد هي أحد أهم مظاهر عيد الأضحى المبارك.
وعلى الرغم من تشابه الكثير من عادات السعوديين ما بين عيدي الفطر والأضحى إلا أن الأخير يتميز ببعض الأمور أهمها طبعاً الأضحية ودورها في فرض الحميمية الأسرية والتأكيد على التقارب الأسري والحرص على القيام ببعض العادات في بيت كبير الأسرة.
وعلى مستوى الطقوس في أضحية العيد يتناسب غالبية السعوديين على لقاء العائلة أثناء ذبح الأضحية وقضاء صباح العيد عند كبير الأسرة، بعد ذلك تجهيز طبق العيد من لحوم الخروف على تفاوت المسميات فيما يكون غالبية الشباب مواصلين للسهر، وقبل الظهر يكون غالبيتهم يخلد للنوم حتى وقت متأخر مساء.
هذا فيما نقل الكثير من أهالي العاصمة عادات الديرة لقلبها النابض وأهمها الأكل الجماعي في أحد طرق الحي صباح العيد عقب أداء الصلاة.
وفي المنطقة الوسطى على وجه الخصوص بما فيها العاصمة الرياض تتشابه الصحون الشعبية في مسمياتها وطريقة إعدادها، وتعتمد في المقام الأول على القمح واللحم أو القمح والتمر، وبعد ذبح الأضاحي تقوم النساء بتحضير وجبة الإفطار والتي تُدعى (الحميس) التي تتكون من من قطع من اللحم الصغير والكبد والكلاوي والقلب أو ما يسمى (معاليق) الخروف، تضاف إليها كمية بالغة من البصل والطماطم والبهارات ويتم طبخها في قدر كبير على نار هادئة.
وطبعا هناك أطباق شهيرة مثل كبسة اللحم والقرصان والجريش والذي يعتمد على اللحم والدقيق المجروش واللبن، وهناك أيضاً الحنيني وهو عبارة عن أقراص من العجين اللين تُدعى (مراصيع).
أما في المنطقة الشرقية، فطبق الهريس الشرقاوي هو الأشهر ومن أبرز الصحون الشعبية في كل من الدمام والأحساء والقطيف؛ حيث يتمثل طبقاً حاراً وغنياً بالمواد الغذائية، وفي صباح عيد الأضحى تقوم الأمهات والزوجات بإعداده، ومن الصحون الشعبية كذلك خبز التاوة ولاسيما في منطقة القطيف، ومن الصحون الحلوة والتي يتم إعدادها في المناسبات والأعياد العصيدة والكليجة والممروس.
وفي المنطقة الغربية عموما تحرص النساء على تجهيز أشهر الصحون الحجازية من الحلويات والمكسرات، وبعد العودة من أداء صلاة العيد تستهل الزيارات والتجمع لدى كبار العائلة.
وطبعا ككل السعودية تحرص الأسرة على قضاء صباح العيد عند كبير الأسرة، وهو الجد أو الجدة أو الأب، وذلك عقب صلاة العيد مباشرة، على مائدة تتصدرها أكلة “الدبيازة” التي تتألف من عدد من الفواكه الجافة، وهناك كذلك الزلابية الشهيرة.
وفي الجنوب تمتاز الأعياد في القرى بالإفطار الجماعي في الحارة أو الحي، حيث يجهز كل شخص تبعاً منزلياً وقبل أو عقب ذبح الأضحية تعد ربة المنزل فطور العيد، وهو ليس كأي فطور، حيث يأكل منه كل أشخاص القرية، وبعد ذلك لا تزال عدد من القرى يتعهد رجالها بالقيام بجولة لزيارة البيوت وتبادل التهاني.
أما جازان فتشتهر بأطباقها الشهية وعاداتها التي جرت المحافظة عليها جيدا حتى الآن، فهناك أطباق الموائد العيدية مما تجود به أرض المنطقة وما يتمسك به ذويها من طقوس ممتدة من غابر التاريخ، وعادة ما تقام في المدن والقرى الجازانية وصلات من الرقص الفلكلوري الجماعي.
ولا يختلف البرنامج كثيرا، فبعد الأكلة الجماعية بعد ذلك ذبح الأضحية تحرص الأسر على طقوس عمل (الحميس) أو (المحشوش) وهي قطع صغيرة من لحوم الأضحية مع الشحم، وبعض الأسر يبقى بحوزتها مخزونها حوالي 9 أشهر في حال الكميات الكبيرة”.
وفي الشمال، تستهل السيدات عقب صلاة العيد وذبح الأضحية في طهي الطعام المصاحب للحم الأضحية والذي كان قديما يوضع بمفرده بداعي قلة الذبائح، وهو متألف من المطازيز والهريس والجريش والحميس، ولم تختف عقب عام السفرة العملاقة في الشارع التي يلتقي عليها رجال وشباب وأطفال الحارة.
هذا فيما تجتمع السيدات في بيت إحداهن وتوزع الهدايا على الأطفال، وبعد صلاة الظهر يرتاح الناس في بيوتهم إلى وقت المغرب، وتقوم العديد من القبائل بنصب مخيم هائل لاستقبال المباركين يكون حافلا بالألعاب الشعبية، والجميع يتناول حلويات العيد وهي كليجة حائل والبقل والتمر.
هذا فيما أدخلت البرامج الإثرائية والفعاليات التي تقوم بها أمانات وبلديات المناطق حراكا جيدا، بالإضافة لأنشطة فروع اللجنة العامة للسياحة والآثار، هذا فيما تحرص طبعا الكثير من الأسر على السفر أو التنزه والذهاب إلى البر بدءاً من ثاني أيام عيد الأضحى.
هذه العادات والتقاليد وفعالياتها ألزمَت حوالي 9 ملايين مقيم على مشاركات الجاليات في هذه الفعاليات بعاداتها وتقاليدها، وأصبحت تجد جمهورا خاصا لها.
