مع الأسف كان للإنترنت بقايا سلبية على مستخدميها من الشباب نتيجة لما سبق ذكره من تواجد استخدامات سلبية للشبكة وما سبق ذكره من تواجد خصائص لمرحلة الشباب ربما شاركت في تبسيط سقوط الشباب في أخطار الإستخدامات السلبية للشبكة .
وقد تفاوتت بقايا شبكة الشبكة العنكبوتية السلبية على الشباب العربي إلى بقايا عقدية وأخلاقية ونفسية واجتماعية واقتصادية وصحية وإجرامية وبيان ذلك على النحو الاتي :أولاً / الأضرار العقدية :من مآسي شبكة الشبكة العنكبوتية ما تزخر به من مواقع تروج للعقائد الباطلة والأفكار الهدامة والدعوات الخبيثة ، ونتيجةً لما يسود مرحلة الشباب من فضول وعدم ثبات نفسي وفكري ، حَدَثَ كثير من الشباب العربي في حبائل جماعات مريبة تُعادي الدين وتناوئ الإيمان .
ومن أشنع الأمثلة على ذلك ما بلغ به الحال من عدد من الشباب العربي الذين انتسبوا إلى جماعة تسمي ذاتها جماعة عبدة الشيطان وقد ذكرت اعترافاتهم أمام المحققين المصريين أنهم تلقوا أفكارهم وسعوا لبثها عن طريق الشبكة العنكبوتية [1].
ثانياً / خسائر أخلاقية :لعل الأضرار الأخلاقية من أهم السلبيات التي أفرزها دخول الشبكة العنكبوتية إلى واقعنا العربي إذ تفشى ارتياد المواقع المروجة للجنس من قبل الشباب العربي ، وقد آلت دراسة ( الفرم ) إلى أن 13,2 في المائة ممن شملتهم الدراسة يستعملون الشبكة للاطلاع على مواد جنسية [2].
وقد نوهت دراسة في مستشفى تخصصي في المملكة العربية السعودية إلى أن 93% من مستعملي خدمة الشبكة العنكبوتية الموجودة في المستشفى استخدموها استخداماً غير محمود أخلاقياً [3] .
ومما نمى الطين بلة تفشي ظاهرة مقاهي الشبكة العنكبوتية التي استغلت للوصول عن طريقها إلى مواقع مريبة ، فقد أشارة دراسة ( القضاة ) إلى أن موضوع الجنس يحتل مرتبة متقدمة من حيث اكتراث رواد مقاهي الشبكة العنكبوتية متقدماً حتى على البريد الإلكتروني [4]، وقد قام أحد المهتمين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالدخول إلى سبعة مقاهي من مقاهي الشبكة العنكبوتية وتفحص مجلد الـ (TEMP) وهو المجلد الذي تخزن فيه المواد المجلوبة من الإنترنت، فوجد أن كافة الأجهزة تحوي مواقع سيئة وصور فاضحة [5].
وفي إحصائية إجرتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنلوجيا أن نسبة محاولات التوصل إلى مواقع محظورة على الشبكة تكوّن ما نسبته 5 إلى 10% من اجمالي الحركة على الشبكة ،وأن معظم هذه المحاولات تتم عقب نصف المساء [6] وهذه الإحصائية توضح عن مدى تفشي الظاهرة .
ثالثاً / الأضرار النفسية :يتأثر الإنسان بمحيطه وبيئته ومن أبرز الوثائق القديمة النفسية التي نتجت عن الشبكة العنكبوتية ظاهرتان متقابلتان :أ / إدمان الشبكة العنكبوتية :أفرز الاستهلاك المكثف للإنترنت ظاهرة أضحت توصف بأنها ظاهرة مرضية وهي إدمان الشبكة العنكبوتية أو (Internet Addiction) الذي يُعرف بأنه : ( حالة من الاستهلاك المرضي وغير التوافقي للإنترنت يؤول إلى تشوشات إكلينيكية ) [7].
وهذه الظاهرة هي طراز من الإدمان النفسي التي شخصت بأنها قريبة في طبيعتها من إدمان المخدرات والكحول حيث يترتب على إدمان الشبكة العنكبوتية ظواهر قريبة من إدمان المخدرات ومن هذه الظواهر:
1ـ التحمل : التحمل يعتبر من مظاهر الإدمان حيث يميل المدمن إلى إرتفاع الجرعة لإشباع التي كان يستلزم إشباعها لديه جرعة أقل ، وأيضا مدمن الشبكة العنكبوتية فإنه يرفع من ساعات الإستخدام باطراد لإشباع رغبته المتزايدة إلى الشبكة العنكبوتية .
2ـ الإنسحاب : يتألم المدمن من أعراض نفسية وجسمية عند منعه من المسكر ، وأيضا مدمن الشبكة العنكبوتية فإنه يتألم عند توقف اتصاله بالشبكة من القلق النفسي الحركي ، والقلق ، وتركز تفكيره على الشبكة العنكبوتية بنحو قهري ، وأحلام وتخيلات متعلقة بالإنترنت .
وينتج عن إدمان الشبكة العنكبوتية مساوئ كثيرة بالنسبة للمدمن ذاته مثل السهر والأرق وألام الرقبة والظهر والتهاب العين وبالنسبة لأسرته لما تسببه من خلافات زوجية وعدم الاهتمام بالأبناء ومشكلات في شُغله نتيجة لتأخره في أعماله ومشكلات إجتماعية لإهمال المصاب به لأهله وأقاربه .
وقد تنذر الباحثون في الغرب لهذه الظاهرة فأُنشئت مؤسسات خاصة لبحثها وعلاج الإصابات بها [8].
ب ـ رُهاب الشبكة العنكبوتية :هذه الحالة هي عكس الحالة الماضية حيث يهيمن على مالكها التوتر من استعمال الشبكة العنكبوتية نتيجةً لما يخشاه من أضرارها ويتطور هذا التوتر ليصبح في صورة رُهاب يمنعه من الاقتراب من الشبكة واستخدامها الاستهلاك الصحيح مما يترتب عليه تأجل المصاب بهذا الرُهاب في دراسته وفي شُغله إذا كانت دراسته وعمله مما يستلزم استعمال الشبكة العنكبوتية [9].
رابعاً / خسائر اجتماعية :حملت الشبكة العنكبوتية أخطار اجتماعية جدية ومن هذه الأخطار :أ ـ اختفاء التفاعل الاجتماعي :يخشى كثير من الباحثون أن تؤدي الشبكة العنكبوتية إلى غياب التفاعل الاجتماعي بسبب أن التراسل فيها يحصل من خلال أسلاك ووصلات وليس بآلية طبيعية [10].
كما أن استخدام شبكة الشبكة العنكبوتية يقوم على طابع الفردية حيث تعويضًا من أن يقوم الفرد بالنشاط كالتسوق ومشاهدة البرامج الترفيهية مع عائلته أصبح يقوم به لوحده على شبكة الشبكة العنكبوتية مما يخشى معه من نشوء أجيال لا تجيد التعامل إلا مع الحاسب الآلي [11].
وقد نوهت دراسة نفذتها مجلة عالم المعرفة إلى أن 40% من الشباب الذين شملهم الاستطلاع أقروا أن شبكة الشبكة العنكبوتية أثرت عليهم من الناحية الاجتماعية وجعلتهم أزيد إنفراداً [12].
لكن من رأيي أن الاستهلاك المعتدل للإنترنت لا يولد مثل هذا المَفعُول إذ لم تشر أي من الدراسات الحديثة في هذا المدى إلى مثل هذا التأثير ، بل إن الاستهلاك المعتدل للانترنت في رأيي يسند العلاقات الاجتماعية بسبب أن الشبكة العنكبوتية وسيلة اتصال وهي بذلك يمكن أن تعاون على تستمر الأهل والأصدقاء وإن نأت بهم الديار .
ب ـ التأثير على القيم الاجتماعية :ينشأ الفتى في ضوء قيم اجتماعية خاصة تُكَّون بيئة الجالية الأولية (Primary group) لكن في ضوء ما يتعرض له الفتى خلال تجواله في الشبكة العنكبوتية من قيم ذات تأثير ضاغط بهدف إرجاع تشكيله طبقا لها بما يُعرف في مصطلح علم النفس بتأثير الجالية المرجعية (Reference group) مما قد يؤول إلى محو بقايا الجالية الأولية عليه مما يفقده الترابط مع مجتمعه المحيط به ويعرضه للعزلة والنفور ومن بعد ذلك القلق والقلق [13].
جـ ـ الإساءة إلى الأفراد :سبق الحديث عن استعمال الشبكة العنكبوتية في الافتراء والمضايقة وأن هذا من الاستخدامات السلبية للإنترنت [14].
لإنترنت وسيلة إعلامية ذات اتصال جماهيري واسع ، لذلك استغلت على مجال واسع في حملات الافتراء بكثير من الشخصيات الإجتماعية .
وهذه الظاهرة مع الأسف متفشية في مجتمعاتنا العربية ويكفي زيارة لأي من المنتديات العربية الموجودة على الشبكة لتجد صنوفاً من الإساءات الشخصية التي توجه إلى أفراد في مواقع المسئولية ، وهذا في المصداقيه ظاهرة تستحق المعالجة بسبب أن النقد شئ والتجريح شئ آخر .د ـ تشكيل صلات بين الجنسين عن طريق الشبكة العنكبوتية :من المعلوم أن المجتمعات العربية مجتمعات لها خصوصيتها النابعة من دينها الذي هو اساس تفردها ومعيار ثقافتها وبما تقدمه الشبكة العنكبوتية من وسائل اتصالية أضحت وسيلة لتكوين صلات غير بريئة بين الجنسين وفي دراسة نفذتها شعبة الحاسب الآلي في مديرية تعليم الرياض قال 58% من طلاب المدارس الثانوية التي جرى استجوابهم أنهم كونوا صلات من خلال الشبكة العنكبوتية [15].
وقد كشفت دراسة ( القضاة ) أن مصادقة الجنس الآخر من أبرز مظاهر تأثير الشبكة العنكبوتية على المستعمل بـ 34.5 في المائة [16].
كما آلت دراسة ( الفرم ) إلى أن 15,6 في المائة ممن شملتهم الدراسة يستعملون الشبكة للبحث عن صلات شخصت بأنها رومانسية [17].
وهذا يعطى مؤشراً على الوثائق القديمة الاجتماعية للإنترنت بسبب أن مجتمعها يشتمل خليطاً غير متجانس من الشخصيات .
خلق صداقات جديدة للشباب :يميل الفتى إلى تشكيل الصداقات والإنترنت شمول من الخيارات المطروحة أمام الفتى وتيسر من اتصاله بأصدقائه ولئن كان هذا المَفعُول لم يرد إلى الآن إلى القدر المطلوب من الإيجابية بسبب أن الصداقة قد أُفرغت من معناها السامي إلى معان عبثية ، إلا أن الوعي السليم والاستخدام الرشيد للإنترنت سوف يساعد الفتى على دعوة اهتمامه إلى الصالحين دينياً والملتزمين أخلاقياً جسده وإيقاعه فريسة سهلة للسمنة