كيف استطاع العلماء رؤية الذرة

يرجح العلماء أنَّ أول قال لمفهوم الذرة في التاريخ كان في القرن الخامس قبل الميلاد، حينما ذكر الفيلسوف اليوناني ليوكيبوس بأنَّ المادة مصنوعة من جسيمات صغيرة، ومع ذلك لم تسد تلك الفكرة في معظم مراحل التاريخ اللاحق، حتى ظهور دراسات العالم الإنجليزي روبرت بويل في القرن السابع عشر الميلادي، والتي كانت تتمحور حول المادة والعلاقة بين المقاس والضغط ودرجة الحرارة، كانت وجهة نظره تقول بأنَّ العناصر الكيميائية تصور المكوِّنات الرئيسية لكل المواد، وميّز بين العناصر الكيميائية والمركبات، ولذلك يعتبره الكثيرون أحد مؤسسي علم الكيمياء الحديث.

قام جون دالتون في القرن التاسع عشر (1766-1844) بتطوير نظريته حول الذرة، عقب تنفيذ تجارب معملية على الأوزان الذرية ووضع رموز للذرات والجزيئات، لتمثل استنتاجاته ثورة في علم الكيمياء الحديثة، والتي تمَّ العمل على دراستها وتطويرها عقب ذلك، وتتلخص استنتاجات دالتون في التالي:

جميع المواد في الطبيعة تتألف من ذرات.

لا يمكن تفتيت تلك الذرات وتحويلها إلى صورة أزيد بساطة.

كل الذرات المكوِّنة لعنصر ما متماثلة مع بعضها البعض، وكلها متعددة عن ذرات العناصر الأخرى.

التفاعلات الكيميائية يتم فيها إرجاع ترتيب الذرات.

عند اندماج نوعين أو أزيد من الذرات المتنوعة معًا في تأثَّر كيميائي تتشكل المركبات.

اقترح ثومسون في عام 1897م أنَّ الذرات ليست أصغر الأجسام الموجودة، ما مثَّل نقلة ثورية في نظرية الذرة، حيث وجد الإلكترونات واقترح أنها مكوَّنة من شحنة سالبة مفرقة بالتساوي في وسط مشحون بشحنة موجبة، بحيث توازي الشحنات السالبة الموجبة، وتصبح الذرة متعادلة الشحنة.

لم يمشي وقت طويل حتى تمكن إرنست رذرفورد تحسين نموذج الذرة الذي اقترحه ثومسون، عقب تنفيذ مُتتالية من التجارب في المرحلة من 1909م حتى 1911م، وخلص منها إلى أنَّ الذرة تشمل على جسيم أصغر من الإلكترون، وهو النواة، التي تدور حولها الإلكترونات والتي تصور معظم كَومَة الذرة، وأنَّ منتصف قطر النواة متناهي الصغر مقارنة بنصف قطر الذرة، وعلى ذلك فإنَّ معظم الذرة يتكون من الفراغ.