صحيفة المختصر – قبل 62 عامًا، وتحديدًا في عام 1376هـ، افتتح الملك سعود – رحمه الله – فندق اليمامة على مشارف صحراء الرياض، عقب أن شيده الشيخ “عيد بن سالم”، ووصفت جريدة أم القرى آنذاك حفل الافتتاح بـ”الحفل المشهود”، الذي حضره زعماء الوطن وأصحاب السمو ووجهاء وأعيان المدينة.
وتتوالى اليوم أعمال الهدم، وتتساقط ملف خريف الذكريات في الفندق، الذي بات في غير مسار الرياض عقب أن كان على أطرافها، ونبتت بجواره عشرات الفنادق الموسومة بالــ”5 نجوم”.
ولا يتمالك أهالي الرياض القدامى مشاعرهم عند مرورهم في طريق الملك عبدالعزيز وهم يراقبون المعدات تنخر في قاعتي “شهرزاد” و”شهريار” اللتين زفتا المعاريس النخب في مجتمع الرياض آنذاك.
فندق المشاهير
كان فندق اليمامة في السبعينيات والثمانينيات الهجرية نُزلاً لضيوف الدولة، وأمنية فتيان الرياض في استعمال ملاعب القدم والتنس الأرضي وحمامات البخار والساونا والسباحة، وأمنية للفتيات في إقامة حفل زفافهن بالقاعات الفخمة.. وكان البهو الرئيس ملتقى للمشاهير من الأدباء والوجهاء والإعلاميين والشعراء، ومن يرغب بجلسة هادئة يتلذذ خلالها بالشاي على صوت خرير شلالات المياه، كما كانت أعراس ومناسبات أثرياء الرياض تُقام هناك. نزلاء الأجنحة الفاخرة يقول الزميل من جريدة الرياض منصور العساف في بيان صحفي: “إن فندق اليمامة طوال السبعينيات والثمانينيات حتى التسعينيات الهجرية كان مقرًّا لإقامة كبار الضيوف الذين يُفرش لهم السجاد الأحمر، ويُستقبلون بـ(البرتوكولات) الرسمية.
كما بقي الجناح الذي نزل به وزير الخارجية الأمريكي (هنري كيسينجر) عام 1973م بقرار من الملك فيصل -رحمه الله- ماثلاً، يحكي موقف السعودية الواضح إزاء مسألة فلسطين وأحداث حرب أكتوبر”.
ويضيف: “كان لضيوف وزارة البترول والمعادن أواخر القرن الهجري الماضي جناح خاص.
أما البهو الرئيس للفندق فقد كان ملتقى للأمراء والوزراء والشعراء والأدباء، كما كانت باحاته وساحاته الخارجية ملاذًا لكثير من الكتّاب والصحفيين في الشتاء، كما استضاف شيخ القراء (عبد الباسط عبد الصمد) ومعاصره الشيخ (محمد خليل الحصري) والشيخ (محمد محمود الطبلاوي) -رحمهم الله-، وحينها كان الناس يفدون للفندق للسماع منهم، والسلام عليهم”.
الشاعر البحريني و”بوكلينات” الهدم!
وفي العصر الذهبي لفندق اليمامة، الذي ظل مقصدًا للنخب، نال الفندق بالوصف الفاخر، والخواطر الجياشة من الأدباء، من بينها قصيدة للشاعر البحريني “عبدالرحمن رفيع” – رحمه الله -، قالها حينما اتصل مرات عدة بالوزير “غازي القصيبي” -رحمه الله- فوجده مشغولاً باجتماعات وزارة الصناعة والكهرباء؛ فكتب فيه قصيدته المشهورة، والمعنونة بـ”فندق اليمامة”.
واليوم يتم ضبط عنف “البوكلينات” وهي تلتهم أطنان الحديد والصبات الخرسانية الممهورة من الداخل بأجود مهارات العمارة قبل 62 عامًا.
