3
7
السعودية

خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

المختصر – أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام اليوم إنَّ إشراقَ شمسِ شَهْرِ اللهِ المُحرَّمِ هُوَ مَطلَعُ عامٍ جديدٍ، وبدايةُ مرحلةٍ من مراحلِ العُمُرِ، تبعَثُ على السَّعادَةِ والغِبْطَةِ، وتُشيعُ السُّرورَ في جنباتِ النَّفس أنْ منَّ اللهُ على عبدِهِ، فأمدَّ له في أجله، وأطالَ في عُمُره، حتَّى أدركَ ما قعدَ بغيره الأجلُ عن إدراكه، وحَظِيَ بما حُرِمَ منه من أمسى رهينَ قبره من أهله وإخوانه وأحبته وعُشرائه وتلك نعمةٌ ما أجلَّها، ومنَّةٌ ما أعظمَها، وما أعظمَ حقَّ المُنعِمِ بها سُبحانَهُ في وجوب الشكر له عليها، باغتنام فرصتها، لاستصلاح ما فسَدَ، وتدارُك ما فات، واستكمالِ ما نقَصَ، بالسَّعي إلى الترقِّي في مدارج الباقيات الصالحاتِ، واستباق الخيرات.
وأوضح أنَّ خيرَ ما يقعُ به الشُّكرُ لله المنعم بهذا الإمدادِ، والفسحةِ في الأجل أنْ يبدَأَ المسلمُ عامَهُ بالصِّيامِ الذي تُروَّضُ فيه النَّفسُ على كبح جماحها إزاءَ الشهوات المحرمة، والنزوات والشطحات، وتسمو به لبلوغ الكمالات الروحيَّة، وتغدو به أقربَ إلى كلِّ خيرٍ يحبُّه اللهُ ويرضاهُ، وأبعدَ عن كلِّ شرٍّ حذَّر منه ونهى عنه.
وأضاف أنَّ للصيامِ في هذا الشهرِ فضل عظيم أخبر عنه الرسولُ صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمامُ مسلمٌ رحمه الله في صحيحه، عن أبي هريرةَ – رضي الله عنه – أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : (أفضلُ الصِّيامِ بعدَ رمضانَ : شهرُ الله المحرَّم، وأفضلُ الصلاةِ بعدَ الفَريضَةِ : صلاةُ اللَّيل) والصَّومُ حينَ يقعُ في شهرٍ حرامٍ، فإنَّ الفضلَ يقترنُ فيه بالفضل فيتأكَّدُ فعلُهُ بشرفه في ذاته وبشرف زمانه.
وبين أنَّ آكدَ الصِّيَامِ في هذا الشَّهر : صومُ يومِ عاشوراءَ، ذلك اليومُ الذي نصر اللهُ فيه موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين على الطاغية فرعون الذي علا في الأرض وجعل أهلها شِيَعًا، يستضعفُ طائفةً منهم، يُذبِّحُ أبناءَهُم ويستحيي نساءَهم، والذي تمادى به الطغيانُ حتى بلغ به أن قال لهم: {ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْري} وقال لهم: {أنا ربُّكُمُ الأَعْلَى} فكان عاقبتَهُ الإهلاكُ بالغرقِ في اليمِّ، جزاءَ استكباره هو وجنودِه في الأرض بغير الحق وكانَ أنْ قصَّ اللهُ نبأَ نهايةِ طغيانه، وقطعِ دابر ظُلمهِ، في قرآنٍ يُتْلى؛ ليكونَ عبرةً للمعتبرين.
وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن يومَ عاشوراءَ مع كونه يومَ النَّصرِ لموسى وقومه على الطَّاغيةِ فرعونَ؛ فإنَّه من أيَّام اللهِ التي جَعَلَ لها من الفضل العظيم ما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه : أنَّ رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء، فقال: (إنِّي أحتسب على الله أن يُكفِّرَ السَّنةَ التي قبله) ومن السُّنَّة: أنْ يُصامَ يومٌ قبله، أو يومٌ بعدَهُ فخذوا بحظكم من هذا الخير يا عبادَ الله وعظِّموا ما عظَّمهُ الله من أيَّامٍ باتِّباع سنة خير الورى صلوات الله وسلامه عليه واقتفاءِ أثره، والاهتداء بهديه، والحذر من الابتداع في دين الله ما لم يأذن به الله، ولم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ ورسولَهُ فَقَدْ فازَ فوزًا عَظيمًا}.

وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان عن مرور الأزمان وانقضائها عاماً بعد عام وعن الأشهر الحرم وفضل وعظمة شهر المحرم.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي اليوم إن الزمان سيار وقد أدبر عامه وأستدار وما مضى فلن يعود وكل لحظة تمر تزفك عبد الله إلى يومك الموعود وشاهداً ومشهود وإلى فراق ولحود فاغتنم الفرصة وحاسب نفسك قبل أن تحاسب، مشيراً إلى أن من حاسب نفسه في الدنيا خفف عنه الحساب يوم القيامة، قال تعالى (( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا )).
وأوضح أن الأمة الإسلامية قد دخلت في عام جديد بدايته شهر حرام ونهايته شهر حرام طابت غرته وبورك في سائر أيامه وأوقاته وأزمانه فشهر محرم من الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها (( إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ? ذَ?لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ? فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ )).
وقال الشيخ البعيجان إن على المسلم أن يحرص على استقبال عامه الجديد بطاعة الله عز وجل والانقياد لأوامره والاستعداد للقائه وأن يستشعر ويعرف الأشهر المحرمة، حرمتها، وفضلها، ومكانتها، وتلك طاعة يلتمس ثوابها ويحذر من عقابها.
وأضاف أن الله عز وجل افتتح السنة بشهر حرام واختتمها بشهر حرام فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان ولا أعظم عند الله من المحرم، مشيراً إلى أن شهر محرم كان يسمى شهر الله الأصم من شدة تحريمه، وقد رغب الشارع سبحانه في صيامه تطوعاً فعلى المسلم أن يحرص أن يكون له أكثر نصيب من فضله، مستشهداً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (أفضل الصيام بعد رمضان شهر اللّه المحرّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل).
ودعا فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الله سبحانه وتعالى أن يمن على المسلمين في هذا العام الجديد بعز وتمكين ونصر مبين وأن يؤلف بين قلوبهم ويجمع كلمتهم ويوحد صفهم.

4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى