نزار قباني – هل يمكن تكرار نزار قباني؟ مناورة في جمل شعرية منمّقة تحاكي شعر نزار قباني
هل يمكن تكرار نزار قباني؟ مناورة في جمل شعرية منمّقة
احمد البياتي
صدر مؤخرا ديوان شعري للشاعر السوري وائل زكريا تحت عنوان .. ( الانثى تليق بي الانثى وطن )
الشاعر وائل زكريا هنا يبوح ويعترف بأنه يقصُّرْ عن إدراك الحُب وأن ينال الحبيبة وإنما هي أشواق يسفحها لها وأوهام يتوهمّ بها ، لايطمع بنوال أو وصال ، فالحلم يظل حلماً ويبذل من دونه كل أمر آخر ، والحُب عنده مطلق لايُولد ولا يموت ، هو الحقيقة ، هكذا يجري أمر الحُب في شعر الشاعر السوري وائل زكريا مصطفى العبدو في مجموعته الشعرية ( الأُنثى تليقُ بي الانثى وطن ) .
تُمحى به حدود الكائنات ويفصح فيه عن حالات من النجوى والتوقّع ذات أناشيد متعددة متكاملة ، شِعْرهُ روحاني يَتَصَعّدْ من النفس فيما هي تتحول من حالٍ إلى حال ساعية إلى العثور على نفحات السعادة وهنا اذكر وادقق بالانتباه ان الشاعر السوري شبيه بنسبة عالية جدا للشاعر الراحل نزار قباني لانه كان قريبا جدا في اسلوبه الغزلي للامراة ومفرداته الجريئة جدا ونصوصه التي تحرق المراة وتحرق الاخضر واليابس وانا هنا اوصفه بملء فمي ان الشاعر السوري وائل زكريا مصطفى هو الخليفة الاول وعلى مستوى الوطن العربي لشاعر الغزل الا وهو الراحل نزار قباني
مشاعر وائل ذات وَتَر واحد مُنفرد يعزفُ على إيقاع الصدق والشّجو وأن طبائع الإسلوب والإيقاع متماثلة في قصائده ، فشِعرَهُ مهموس ، عميق الشجو كأنما تبطّن على تمثل الأحلام بصور فنية مركزة ، وفي شِعرِهِ نجد مخاطبته لحبيبة موهومة والتي هيّ صنو نفسه داعياً إياها الى أن تتنصت إلى نبضات قلبه الذي يفيض حناناً وولهاً . من سياق نصوصه وتداخل مفرداته في هذه المجموعة تحسست بأن عناوين قصائده متطابقة مع رؤآه كأنها حلقة متكاملة من مفردات مخصصة للغرض منذ الإستهلال وحتى الخاتمة ، فالمخيال عنده يلعب دوره في تقريب المعنى بتشبيه وتماهي وغَيرَه ، فالصورة الجمالية في نصوصه نتحسسها في عطر ونسمة وقبلة ولقاء ومناداة ومناجاة ، حتى الحواس تتماهى في التقريب عِبْرَّ تراسل لمقاطع تعاشقت الحواس في تعويض جمعي وهنا الأدوات المكثفة بالنصوص ماهي إلا تنشيط حدث اللهفة وموائمة الحالة في أجواء مطرزة تفصح عن سحر وجمالية المفردة التي تزخر بإيحاء يشع بإضاءة ، والشاعر هنا ينتج لنا الحياة التي نبتغيها من خلال مقاطع تكاد تكون كمشتل ورد حينما تحرك مشاعر المتلقي وهو يعزف بإنسيابية مثمرة تراود مخيلتنا .
أبيات نصوصه مجبولة بعاطفة ورِّقة وكأنها اسئلة تتوالى بلهفة في ذلك الحلم السرمدي الذي يراوده كل حين والرغبة الوهاجة تحفزه بدغدغة ذاته بلسعة لذيذة كل لحظة .
نتابع معكم : نزار قباني – هل يمكن تكرار نزار قباني؟ مناورة في جمل شعرية منمّقة تحاكي شعر نزار قباني
عند التمعُن جلياً في نصوصه وجدتها بأنها زاخرة بحشد من التموج المرئي وتخيلت اني اقرأ للراحل نزار حيث هناك مسحة جمالية منمقة للمفردة التي تغري المتلقي وتسحبه للمتابعة ، نصاعة المفردات وخفتها اللفظية أشاعت البهجة في النفس الأنسانية التي أكدت بأن للحُب منزلة في نفسية البشر عِبْرَّ تصوير لطيف ألا وهو التيهان بحد ذاته ، بشكله ولّدَ حالة من الإنتباه في النص المكثف بدلالات معنوية مميزة تستجلب العاشقين من خلال الصيغ المموهة التي سطرها برؤى عميقة وبتشبيه – جمالي – حركي – لخاصية الروح المضمرة التي تطلب الصفاء الروحي بحوار مهموس ومرموز متأصل فيه الإفصاح عن الكشف اللحظوي في خارطة الحياة .
لاأُغالي إن قلت سابقا بأن الشاعر وائل زكريا مصطفى انه خليفة الراحل نزار قباني لان إحساسه الشعوري الكامن في أعماقه مذخور بكل ماعاشه وصادفه من لحظات فقد تَفَكّرَ وتَمَعّن بتجسيدها عندما حرَّك آليته الشعرية وأشتغل عليها بعمق ليتنفس من بعدها الراحة والإستقرار وهو يتخطى بفراسته وحدسه كل مراحل الوجع المكنون ويهرب بحنكته وتخطيطه الناجح لصياغاته الشعرية نحو ضفة اليقين التي تبعده عن أزمة الصراع النفسي ليصور المشاهد التي من خلالها تكون فيه غزارة البوح والتشّهي طريقه للخلاص من حمل ماينوء به من أسرار مخبوءة وضامرة والكشف عنها بتشبيه يكاد أن تكون المفارقة فيه متعانقة مع قوة الحدث المتشتت ويبين الإختلاجات الحادة عندما يتجرد من شحنة القلق في هذا العالم المتأرجح في لحظاته .
كثيرةٌ هي المحاولات التي تتبنى قضية الحُب بصورته الرائعة والتي تناقلتها الأجيال ، حيث أن المُحِبْ يُحمَلْ على تخيّل الجمال على المحمل الحَسِنْ ، هذا الحُب الغائر في أعماق النفس له مدلولات عميقة وفلسفية رصينة ، فمعاناة الحُب والتفكير فيه قد تتفاوت المُدد بينهما من حيث مطاولة الصبر والتأمل والتأني وحالة التسرّع والجزع ، إذ لايقتصر الحُب فقط على النفس البشرية ، بل نزوعه الشديد إلى عالم آخر من الأجناس وحسب دفقة المشاعر لرسم صورة الحُب ، كما أنه يعتبر الحلم هو صنو الحرية التي تتحقق بالفعل النفسي لأنه يعثر على نفحة السعادة فيه ، ولعلَّ مُعاناة الرومنسي للفشل تتأدى عن تغررُّه بالحلم والوهم .
إنّ الشاعر السوري وائل زكريا مصطفى يتأثر بحدث لحظوي قد يعكسه على بديل خارجي لما لتشابهه عياناً مع حدثه الآني ، وما يشاركه مع الآخرين إلا حلم مُندى مُتجذر في ذاته وكأنه شكلاً شعرياً بريئاً وكأنه نزار قباني جائنا من جديد ليعيد لنا زمن الحب اللامحدود
رؤى الشاعر وائل زكريا عبارة عن مناورة شعرية بين ذاته وما يقابلها الآخر ، أمنياته صغيرة لاتتعدى تجسيد مفردات مُشِعة في النفس وهو يواصل بث مشاعره مُحلقاً بها يرفرف بأجنحة البهجة.
الكثير من مشاهير الفن والادب أكدوا ظهور نزار قباني الجديد وهو الشاعر السوري وائل زكريا مصطفى العبدو.
