3
7
السعودية

سبب اطلاق سراح القابعين بـ”الريتز” بعد التسوية؟ نظرية “السمكة والحيتان” ترد

صحيفة المختصر – “لماذا يتم الإفراج عن عدد من الأشخاص المتهمين القابعين في “ريتز-كارلتون” عقب التصالح معهم بإرجاع مبالغ مالية اختلسوها للخزينة العامة والاكتفاء بذلك من غير تقديمهم للمحاكمة؟”.. استفسار وصفه الكاتب عبدالرحمن اللاحم، بالوجيه من إذ المبدأ، مؤكداً في نفس الزمن أنه لا يمكن تشبيه جرائم عملية السرقة التقليدية بجرائم الفساد المالي المعقدة جداً، وتتطلب مرونة في التعاطي تحقق المصلحة العامة التي ستعود على الخزينة العامة بمئات الملايين، ربما كانت مهرّبة خارج المملكة ويصعب استردادها أو تتبعها من غير تساعد المتهم.
ويضيف “اللاحم”: “هذه الفائدة العائدة للخزينة العامة تفوق المصلحة في حبس شخص لن يستفيد المجتمع شيئاً يُذكر من سجنه، عقب محاكمة طويلة قد لا يصنع عنها الإدانة؛ بسبب أن مثل هذه القضايا معقدة من إذ الإثبات وتتبع الأدلة، وهذا لا يعني استثناء فكرة المحاكمة، وإنما يكون بجانبها طريق موازٍ قد يحقق المصلحة للمجتمع والدولة أزيد من دعوة الاتهام والمحاكمة”.
المنطقية والدقة
وفي زاويته بعكاظ “مشراق” وتحت عنوان “الفساد.. التصالح..
المصلحة”
أتى مقال “اللاحم” كالآتي: “أستاذنا الهائل الدكتور تركي الحمد القي فكرة ردّدها الكثير أثناء تناقل الأنباء عن الأشخاص المتهمين في مسائل القابعين في (الريتز)، وكانت تلك الفكرة تدور حول استفسار وجيه من إذ المبدأ، ومفاده أنه: لماذا يتم الإفراج عن عدد من الأشخاص المتهمين عقب التصالح معهم بإرجاع مبالغ مالية اختلسوها للخزينة العامة، والاكتفاء بذلك من غير تقديمهم للمحاكمة، وشبّه أستاذنا مسائل الفساد بقضايا عملية السرقة التقليدية، وأنه لا يتم فيها التصالح على إرجاع المسلوبات في إزاء إسقاط العقوبة، مع أن المثال قد يكون منطقياً للوهلة الأولى، إلا أنه غير دقيق إذا جرى طرحه على حسب الفلسفة العامة لفكرة المعاقبة في الحق العام، والتي هي بالحقيقة متعلقة بالصالح العام من غير أن يكون الهدف منها فحسب معاقبة الجاني، وإنما منوطة بمصلحة عامة يحددها النائب العام المنوط به الحفاظ على أمن المجتمع وتطبيق أحكام القانون”.
الخلايا المترابطة
وأضاف: “المثال الذي ساقه أبو طارق غير دقيق؛ فإضافة إلى أن عملية السرقة العادية فيها حق خاص لا يمكن التنازل عنه من قبل الدولة؛ فإنه لا يمكن تشبيه جرائم عملية السرقة التقليدية بجرائم الفساد المالي المعقدة جداً، والمرتبطة بعدة أفراد وكيانات مالية داخلية وخارجية، ومرتبطة بعمليات غسل مبالغ مالية كبيرة التعقيد، فهي من الجرائم السيارة التي لا يمكن لفرد أن يرتكبها منفرداً؛ مثل جرائم الإرهاب والاتجار بالبشر والمخدرات وغسل الأموال وجرائم الفساد، الأمر الذي يقتضي أن تدار من قبل أطراف التحقيق بآلية احترافية، بحيث لا يتم التركيز على مذنب بعينه، وإنما بخلايا مترابطة، مما يقتضي مرونة في التعاطي مع كل مذنب على حدة، والاستعانة ببعض الأشخاص المتهمين لمعرفة مزيد من الخلايا النائمة أو المستترة، أو التحري عن أفراد أو كيانات كانت بعيدة عن موطن الاشتباه، وكل هذا يصبّ في الختام لتوسيع دائرة الملاحقة، وتأمين منع إفلات أفراد فاسدين بجرائمهم”.
العقوبة والمصلحة
وتابع: “وهذا ما يعيدنا إلى الفكرة التي ترتكز عليها المعاقبة في الجرائم العامة، وهي (المصلحة)، فقد تجد النيابة العامة أنه من المصلحة التصالح في مسائل فساد، إذا كانت ستعود بالنفع على الخزينة العامة بمئات الملايين، خصوصاً إذا كانت تلك الملايين أو المليارات مهربة خارج المملكة، ويصعب استردادها أو تتبعها من غير تساعد المتهم، فهذه الفائدة العائدة للخزينة العامة تفوق المصلحة في حبس شخص لن يستفيد المجتمع شيئاً يُذكر من سجنه، عقب محاكمة طويلة قد لا يصنع عنها الإدانة؛ بسبب أن مثل هذه القضايا معقدة من إذ الإثبات وتتبع الأدلة”.
السمكة والحيتان
وأوضح: “وخير مثال محاكمات مسائل سيول جدة التي يعلم نتائجها الجميع، وهذا لا يعني استثناء فكرة المحاكمة، وإنما يكون بجانبها طريق موازٍ قد يحقق المصلحة للمجتمع والدولة أزيد من دعوة الاتهام والمحاكمة، وهو ما تطبقه معظم الدول، ودائماً ما نقرأها في محاكمات شهيرة في عدد من بلدان العالم، إذ تتفق النيابة مع المتهم على تخفيف التهمة المنسوبة له أو تقع التهم في إزاء التعاون بالشهادة أو التصريح بمعلومات مفادها في الإمساك بمتهمين (سمان) طلقاء، يكون في الإمساك بهم مصلحة عظمى تفوق المنفعة من محاكمة سمكة صغيرة في محيط لمتلئ بالحيتان الكبار”.
لجنة وجرائم غير تقليدية
واختتم قائلاً: “مع التأكيد على أن الهيئة العليا المشكّلة بقرار ملكي وبرئاسة سمو ولي العهد للتحقيق في مسائل الفساد مستثناة من كل الأنظمة ذات العلاقة، ولها حرية كبيرة في الحركة واتخاذ القرارات التي تصبّ في المصلحة العامة، فهي هيئة غير تقليدية تحقق في جرائم غير تقليدية بوسائل وآليات غير تقليدية”.

4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى